درج بعض المعاصرين على استخدام عبارة
”الجهاد للدفع وليس للهجوم“، ولدى الرجوع إلى كتب العلماء المتقدمين وجدت أن جهاد
الدفع هو نوع مستقل من أنواع الجهاد، وهو الجهاد لدفع المحتل الذي دخل أرضاً
للمسلمين. وجعلوا لهذا النوع من الجهاد أحكامه الخاصة التي تميزه عن أحكام الجهاد
في دار الحرب.
وتبرز أهمية الموضوع أكثر إذا علمنا أن العالم الإسلامي
تعرض لعدة محاولات اجتياح، كان أبرزها الذي انتهى باحتلال الصليبيين لبيت المقدس
سنة (492هـ)، حيث بقوا فيها ثنتين وتسعين سنة، حتى حرره السلطان صلاح الدين الأيوبي سنة (583هـ). والاجتياح الثاني الذي انتهى
باحتلال المغول لبغداد وإسقاط الخلافة العباسية سنة (656هـ)، وقد امتدت
دولتهم إلى دمشق، ونكلوا بالمسلمين شر تنكيل. ثم كان كسر شأفة المغول في عين جالوت
سنة (658هـ) على يد الملك المظفر قطز. وأسلم عدد من قيادات المغول، كان منهم بركه
خان ابن عم هولاكو وكاتب الملك الظاهر ليتفقا على هولاكو، فاقتتلا سنة (661هـ)،
فقتل بركه خان أكثر أصحاب هولاكو، وغرق أكثر من بقي، وهرب هولاكو في شرذمة يسيرة.