اللغة العربية وتلقّيها في "العصر الرقمي" (في تحديات القراءة والكتابة والإعلام والتعلّم) د. كامل فرحان صالح
مستخلص: اللغة العربية وتلقّيها في "العصر الرقمي" (في تحديات القراءة والكتابة والإعلام والتعلّم)
أ. د. كامل فرحان صالح (kamel farhan saleh)
يجد المرء نفسه غير قادر على وضع مفهوم يطمئن إليه، للغة، أمام التحولات الثقافية الهائلة التي بدأت تتسارع على غير صعيد منذ أواخر القرن العشرين، كون هذه اللغة الحامل التقليدي للتعبير الإنساني، واللازمة حكمًا لمسألتي الإعلام والتعلّم، وكونها في الأساس "مجموع الألفاظ والقواعد التي تتعلق بوسيلة التخاطب والتفاهم بين جماعة من الناس".
فهل اللغة العربية اليوم التي يتكلم بها نحو 800 مليون إنسان بوصفها لغة أولى أو ثانية، تعبّر عن "واقع الفئة الناطقة بها، ونفسيتها، وعقليتها، وطبعها، ومناخها الاجتماعي والتاريخي"؟
إن طرح هذا السؤال، يدفع المرء إلى طرح أسئلة أخرى على خلفية التحديات الشرسة التي تواجه اللغة من قوى العولمة (Globalization) المتمثلة في المصالح المادية الناجمة عن الاتصال بالأجنبي، والتأثير الإعلامي القائم على "الصخب والضجيج، والتبشير باللغة الإنكليزية على أنها اللغة العالمية"، (وهي كذلك لأنها لغة من ينتج العلم والتقنية)، ومن هذه الأسئلة:
هل يكفي الإنسان العربي اليوم أن يردد ما يقوله دارسو اللغة: ان اللغة العربية أرقى اللغات السامية، وتحفل بثروة من الألفاظ والمترادفات، مدللين على صحة هذه الثروة بأن في المهجور من ألفاظ العربية "سبعين ألف مادة لم تستعمل إلى اليوم"، وأن للعسل ثمانين اسمًا، وللثعبان مائتين، وللأسد خمسمائة، وللجمل ألف، وللسيف ألف كذلك، وللداهية أربعة آلاف اسم، وأن اللغة العربية في العصور الغابرة، أثرّت في اللغات الأخرى: أمثال الفارسية، والإسبانية، والفرنسية، والايطالية، والصقليّة، والإنكليزية، والتركية...، وغيرها؟
لا يكتفي هؤلاء الدارسون بترداد هذا فحسب، بل يحسبون أن هذه اللغة إن كانت "لا تواتي بعض حاجات المخترعين، فليس العيب فيها، وإنما العيب واقع على أبنائها الذين أهملوها، ولم يفتشوا عن ثرواتها الضخمة في كل علم وفن"، مضيفين ان اللغة العربية ليست غنية في مفرداتها فحسب، ولكنها غنية في صيغ قواعدها أيضًا، وتمتاز بضروب كثيرة من أسباب النمو التي منها: الاشتقاق والمجاز، ويستعيدون في هذا السياق، مديح عشرات المستشرقين للغة العربية، من أمثال:
الألماني تيودور نولدكه (Theodor Noldeke) (1836- 1930)، والفرنسي إرنست رينان (Ernest Renan) (1833 – 1892)، وغيرهما.
♦ ظاهرة "خلطة الكتابة" العجيبة أمام هذا الوضع، حيث يندر أن يجدّ القارئ بحثًا عن اللغة العربية من دون أن يردد كاتب البحث أو الكتاب، كلماتٍ تمجد اللغة العربية، والمركز العالمي الذي حازته قديمًا، يلمس المرء على أرض الواقع، أن الهوة تتسع بين اللغة العربية والأجيال الجديدة، ولاسيما في السنوات الأخيرة، بعدما تفشت ظاهرة "خلطة الكتابة" العجيبة - إذا صحّ التعبير –، وهي عبارة عن كتابة الحرف العربي بحروف وأرقام أجنبية، بين شريحة واسعة من الشعوب العربية، ولا سيما بين الطلاب في المراحل التعليمية المختلفة، إذ إن هؤلاء لا يشوهون اللغة العربية الفصحى فحسب، بل يشوهون اللغة العامية أيضًا، ما يشكّل قطيعة بين هؤلاء وحياتهم، وواقعهم، ويومياتهم، فضلا عن قطيعتهم الكبرى مع تراثهم العربي.
***
Location: المغرب - القنيطرة
More Info: مؤتمر: "مسالك الكتابة وآفاق التلقي في اللغة والأدب والحضارة" الذي نظمه ماستر التواصل وتحليل الخطاب في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في القنيطرة – المغرب في 23 و24 فبراير (شباط) 2016
Organization: جامعة ابن طفيل - القنيطرة - المغرب
Page Numbers: 19
Publication Date: 2016
Publication Name: جامعة ابن طفيل - ماستر التواصل وتحليل الخطاب في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في القنيطرة – المغرب
Conference End Date: Feb 24, 2016
Conference Start Date: Feb 23, 2016
DOI: 10.6084/m9.figshare.24902715