ترجمة وتعريب مصطلحات العلوم الموسيقية النظامية في إطار التفاعل الثقافي الفركوفوني
مقدمة
تُمثّل الترجمة حسب أغلب الدّارسين وسيلة حاسمة في تعميق دوائر الحوار والتفاعل بين المجتمعات والثقافات، وأداةً تساهم في اكتساب المعارف ونقلها وامتلاك مفردات العصر ولغته. وبينما يذهب بعضهم إلى اعتبارها وسيلة لتقليص الهوّة الثقافية بين هذه المجتمعات وآلية تُعبّر عن أبعادٍ حضارية قابلة للتعميم والانتشار عبر تفاعل الثقافات في إطارٍ من العلاقات المبنية على التبادل الثقافي الحرّ والإبداعي، يذهب آخرون إلى اعتبارها مدخلا لبعض الحضارات لبسط سيطرتها الثقافية والمعرفية وتأكيد تفوّقها العلمي في علاقتها بشعوب أخرى. وبين هذا وذاك ينخرط الباحثون في عملية النقل والتفاعل وتمتلئ المكتبات بالمعاجم والدّراسات فتنشأ حركية ثقافية تكشف لنا أساليب كتابةٍ وأشكالَ تعبيرٍ وتقنيات جديدة تمكّن من التّعامل مع الحياة العصريّة مصحوبة بإشكاليات وعقبات اصطلاحية على الصعيد التواصليّ بين نظامين ثقافيين مختلفين. وفي هذا الإطار، لم تكن العلوم الموسيقية بمنأى عن هذه الحركية الثقافية وعمليات الترجمة والتعريب التي شملت علم الموسيقى النظامي من الفرنكوفونية إلى اللغة العربية بالنسبة للشعوب اللاّغربية. ونظرا لأهمية وحداثة هذا المبحث، سنقوم في هذا البحث بتسليط الضوء على التطوّر الذي شهدته عملية الترجمة والتعريب للبحوث في مجال العلوم الموسيقية النظامية من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية وما صاحبه من إشكاليات وعقبات في ترجمة مصطلحات ومفاهيم تمّ تصوّرها وتطبيقها في عالم وفكر غربيّ له خصوصياته الثقافية.